[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
"دخلت امرأة النار في هرة" (1)، كيف تجد فيه معنى زائدًا على السببية؟
وليست: "في" للوعاء في جميع معانيها، فقولك: فعلت هذا في مرضاتك، فيه معنى زائد على قولك: فعلته لمرضاتك، وأنت إذا قلت: أوذيت في اللَّه، لا يقوم مقام هذا اللفظ قولك: أوذيت للَّه، ولا بسبب اللَّه، وإذا فهم المعنى طُوي حكم العبارة.
والمقصود: أن الصبر في اللَّه إن أريد به هذا المعنى فهو حق، وإن أريد به معنى خارج عن الصبر على أقضيته وعلى أوامره، وعن نواهيه له وبه، لم يحصل، فالصابر في اللَّه كالمجاهد في اللَّه، والجهاد فيه لا يخرج عن معنى الجهاد به وله، واللَّه الموفق.
وأما قول بعضهم: "الصبر للَّه عناء، والصبر باللَّه بقاء، والصبر في اللَّه بلاءً، والصبر مع اللَّه وفاء، والصبر عن اللَّه جفاء" (2)، فكلام لا يجب التسليم لقائله؛ لأنه ذكر ما سنح له وتصوره، وإنما يجب التسليم للنقل المصدَّق عن القائل المعصوم.
ونحن نشرح هذه الكلمات:
أما قوله: "الصبر للَّه عناء"، فإن الصبر للَّه ترك حظوظ النفس ومرادها لمراد اللَّه، وهذا أشق شيء على النفس وأصعبه، فإن قطع المفازة التي بين النفس وبين اللَّه، بحيث يسير منها إلى اللَّه، شديد جدًّا