
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وتأمل قوله سبحانه: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [النساء: 147] كيف تجد في ضمن هذا الخطاب أنّ شكره تعالى يأبى تعذيب عباده سُدى بغير جرم، كما يأبى إضاعة سعيهم باطلًا.
فالشكور لا يضيع أجر محسن ولا يعذب غير مسيء، وفي هذا ردٌّ لقول من زعم أنه يكلف عبده ما لا يطيقه، ثم يعذبه على ما لا يدخل تحت قدرته، تعالى اللَّه عن هذا الظنّ الكاذب والحسبان الباطل علوًّا كبيرًا.
فشُكره سبحانه اقتضى أن لا يعذب المؤمن الشكور ولا يضيع عمله، وذلك من لوازم هذه الصفة، فهو منزه عن خلاف ذلك كما ينزّه عن سائر العيوب والنقائص التي تنافي كماله وغناه وحمده.
ومن شُكْره سبحانه أنه يُخرج العبد من النار بأدنى أدنى مثقال ذرّة من خير (1)، فلا يضيع عليه هذا القدر.
ومن شكره أن العبد من عباده يقوم له مقامًا يرضيه بين الناس فيشكره له، وينوه بذكره، ويخبر به ملائكته، وعباده المؤمنين (2)، كما شكر لمؤمن آل فرعون ذلك المقام، وأثنى به عليه، ونوّه بذكره بين