[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ولما ذكر اللَّه سبحانه في سورة الأنعام أعداءه وكفرهم وشركهم به وتكذيب رسله، ذكر بإثر ذلك شأن خليله إبراهيم، وما أراه من ملكوت السماوات والأرض، وما حاجّ به قومه في إظهار دين اللَّه وتوحيده، ثم ذكر الأنبياء من ذريته وأنه هداهم وآتاهم الكتاب والحكم والنبوة، ثم قال: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89].
فأخبر أنه سبحانه كما جعل في الأرض من يكفر به، ويجحد توحيده ويكذب رسله، كذلك جعل فيها من عباده من يؤمن بما كفر به أولئك، ويصدق بما كذبوا به، ويحفظ من حرماته ما أضاعوه، وبهذا تماسك العالم العلوي والسفلي، وإلا فلو اتبع الحق أهواء أعدائه لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، ولخرب العالم. ولهذا جعل سبحانه من أسباب خراب العالم رفع الأسباب الممسكة له من الأرض، وهي: كلامه، وبيته، ودينه، والقائمون به، فلا يبقى لتلك الأسباب المقتضية لخراب العالم أسباب تقاومها وتمانعها.
ولما كان اسمه "الحليم" أَدخل في الأوصاف، واسم "الصبور" في الأفعال، كان الحلم أصل الصبر، فوقع الاستغناء به في القرآن (1) عن اسم "الصبور"، واللَّه أعلم.