[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
من حلم إلى علم، ومن عفو إلى اقتدار، ولهذا كان في دعاء الكرب وصفه سبحانه بالحلم مع العظمة (1).
وكونه حليمًا من لوازم ذاته، وأما صبره سبحانه فمتعلق بكفر العباد وشركهم ومسَبّتهم له سبحانه، وأنواع معاصيهم وفجورهم. فلا يزعجه سبحانه ذلك كله إلى تعجيل العقوبة، بل يصبر على عبده ويمهله ويستصلحه ويرفق به ويحلم عنه، حتى إذا لم يبقَ فيه موضع للصنيعة، ولا يصلح على الإمهال والرفق والحلم، ولا ينيب إلى ربه ويدخل عليه، لا من باب الإحسان والنعم، ولا من باب البلاء والنقم، أخذه أخذ عزيز مقتدر، بعد غاية الإعذار إليه، وبذل النصيحة له ودعائه إليه من كل باب.
وهذا كله من موجب صفة حلمه، وهي صفة ذاتية له لا تزول.
وأما الصبر فإذا زال متعلقه، كان كسائر الأفعال التي توجد لوجود الحكمة وتزول بزوالها، فتأمله، فإنه فرق لطيف اعترف (2) الحذاق بعسره، وقل من تنبه له ونبه عليه. وأشكل على كثير منهم معنى هذا الاسم، وقالوا: لم يأتِ في القرآن، فأعرضوا عن الاشتغال به صفحًا، ثم اشتغلوا بالكلام في صبر العبد وأقسامه.
ولو أنهم أعطوا هذا الاسم حقه لعلموا أن الرب تعالى أحق به من جميع الخلق، كما هو أحق باسم العليم والرحيم والقدير والسميع