[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والحرص، وهو ثلاثة أقسام: زهد في الحرام، وزهد في الشبهات والمكروه، وزهد في الفضلات. فالأول: فرض. والثالث: فضل. والثاني: متوسط بينهما بحسب درجة الشبهة، فإن قويت التحق بالأول وإلا فبالثالث. وقد يكون الثالث واجبًا بمعنى: أنه لا بدّ منه، وذلك لمن شمّر إلى اللَّه والدار الآخرة، فزهده في الفضلة يكون ضرورة، فإن إرادة الدنيا قادحة في إرادة اللَّه والدار الآخرة. ولا يصح للعبد مقام الإرادة حتى يفرد طلبه ومطلوبه، فلا يتقسّم المطلوب ولا الطلب. أما توحيد المطلوب: فأن لا يتعلّق طلبه وإرادته بغير اللَّه، وما يقرّب إليه ويدني منه. وأما توحيد الطلب: فأن يستأصل الطلب والإرادة نوازع الشهوات وجواذب الهوى، وتسكن الإرادة في أقطار النفس فتملأها، فلا يدع فيها فضلًا لغير الانجذاب إلى جناب الحق جل جلاله، فتمحض الإرادة له، ومتى تمحضت كان الزهد لصاحبها ضرورة، فإنه يفرغه لعمارة وقته وجمع قلبه على ما هو بصدده وقطع مواد طمعه التي هي من أفسد شيء للقلب، بل أصل المعاصي والفساد والفجور كله من الطمع. فالزهد يقطع موادّه، ويفرغ البال، ويجلي القلب، ويستحث الجوارح، ويذهب الوحشة التي بين العبد وبين ربه، ويجلب الأنس به،