عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

8431 4

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

فصل

المثال الثاني والعشرون: قوم سكنوا مدينة مدة من الزمان، فكثرت فيها الأحداث والآفات، وطرقتها المحن، وأغارت عليها عساكر الجور والفساد، فبنى ملكهم مدينة في محل لا يطرقها آفة ولا عاهة، وعزم على تخريب المدينة الأولى، فأرسل إلى سكانها، فنودي فيهم بالرحيل بعد ثلاث، ولا يتخلف منهم أحد، وأمرهم أن ينقلوا إلى مدينة الملك الثانية خير ما في تلك المدينة وأنفعه وأجفه من الجواهر واللآلئ والذهب والفضة، وما خفّ حمله من المتاع، وعظم قدره، وصلح للملوك، وأرسل إليهم الأدلّاء وآلات (1) النقلة، ونهج لهم الطريق، ونصب لهم الأعلام، وتابع الرسل يستحثونهم بعضهم في إثر بعض، فانقسموا فرقًا.

فالأقلون علموا قصر مدّة مقامهم في تلك المدينة، وتيقنوا أنهم إن لم يبادروا بتحصيل خير ما فيها وحمله إلى مدينة الملك، وإلا فاتهم ذلك فلم يقدروا عليه، فرأوا غبنًا أن يقطعوا تلك المدة في جمع المفضول والاشتغال به عن الفاضل، فسألوا عن خير ما في المدينة وأنفسه وأحبه إلى الملك وأنفعه في مدينته، فلما عرفوه لم يلتفتوا إلى ما دونه، ورأوا أن أحدهم إذا وافى بجوهرة عظيمة كانت أحب إلى الملك من أن يوافيه بأحمال كثيرة من الفلوس والحديد ونحوهما، فكان همّهم في تحصيل ما هو أحب إلى الملك وأنفس عنده ولو قلّ في رأي العين.

وأقبلت فرقة أخرى على تعبئة الأحمال المحملة وتنافسوا في كثرتها، وهم على مراتب، فمن بين مَن أحماله أثمان، وبين من أحماله

الصفحة

472/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !