
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وتعظيمك وإكرامك، فقابليه بأمثاله قلًى وإهانة وهجرًا حتى تتقطَّع نفسُه عليكِ حسرات.
فتأمل هذا المثل، وحال خطاب الدنيا وخطاب الآخرة، واللَّه المستعان.
وهذا المثل مأخوذ من الأثر المرويّ عن اللَّه عز وجل: "يا دنيا اخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك" (1).
فصل
المثال التاسع عشر: ملك اختط مدينة في أصح المواضع وأحسنها هواء، وأكثرَ مياهَها (2) وشقَّ أنهارَها وغرس أشجارها، وقال لرعيته: تسابقوا إلى أحسن الأماكن فيها، فمن سبق إلى مكان فهو له، ومن تخلف سبقه الناس إلى المدينة، وأخذوا منازلهم، وتبوأوا مساكنهم، وبقي مع أصحاب الحسرات. ونصب لهم ميدان السباق، وجعل على الميدان شجرة كبيرة لها ظلٌّ مديد وتحتها مياه جارية، وفي الشجرة من أنواع الفواكه وعليها الطيور العجيبة الأصوات، وقال لهم: لا تغتروا بهذه الشجرة وظلها، فعن قليل تُجْتثّ من أصلها، ويذهب ظلها، وينقطع ثمرها، وتموت أطيارها، وأما مدينة الملك؛ فأُكُلها دائم، وظلها مديد، ونعيمها سرمد، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن