عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

7969 4

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

ما بعثني اللَّه به، كرجل أتى قومه فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبّحهم الجيش فاهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئتُ به، ومثل من عصاني وكذّب بما جئتُ به من الحق" (1).

فصل

المثال الخامس عشر رجل هيّأ دارًا وزيّنها، ووضع فيها من جميع الآلات، ودعا الناس إليها، فكلّما دخل داخل أجلسه على فراش وطيء، وقدّم إليه طبقًا من ذهب عليه لحم، ووضع بين يديه أواني مفتخرة فيها من كل ما يحتاج إليه، وأخدمه عبيده ومماليكه.

فعرف العاقل أن ذلك كله متاع صاحب الدار وملكه وعبيده، فاستمتع بتلك الآلات والضيافة مدّة مقامه في الدار، ولم يعلق قلبه بها (2)، ولا حدّث نفسه بتملكها، بل اعتمد مع صاحب الدار ما يعتمده الضيف فيجلس حيث أجلسه، ويأكل ما قدمه له، ولا يسأل عما وراء ذلك، اكتفاء منه بعلم صاحب الدار وكرمه، وما يفعله مع ضيوفه، فدخل الدار كريمًا، وتمتعّ فيها كريمًا، وفارقها كريمًا، وربُّ الدار غيرُ ذامٍّ له.

وأما الأحمق، فحدّث نفسه بسكنى الدار، وحوز تلك الآلات إلى ملكه، وتصرفه فيها بحسب شهوته وإرادته، فتخيّر المجلس لنفسه،

الصفحة

460/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !