
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
خضراء، قال: فمكث فيهم ما شاء اللَّه، ثم قال: يا هؤلاء الرحيل. قالوا: إلى أين؟ قال: إلى ماء ليس كمائكم وإلى رياض ليست كرياضكم. قال: فقال جُلُّ القوم وهم أكثرهم: واللَّه ما وجدنا هذا حتى ظننا أن لن نجده، وما نصنع بعيش خير من هذا؟! قال: وقالت طائفة وهم أقلهم: ألم تعطوا هذا الرجل عهودكم ومواثيقكم باللَّه لا تعصونه شيئًا، وقد صدقكم في أول حديثه، فواللَّه ليصدقنكم في آخره، قال: فراح فيمن اتبعه، وتخلف بقيتهم، فبَدَرهم عدو، فأصبحوا بين أسير وقتيل" (1).
فصل
المثال الخامس للدنيا وأهلها.
ما مثلها به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كظل شجرة، والمرء مسافر فيها إلى اللَّه، فاستظلّ في ظلّ تلك الشجرة في يوم صائف ثم راح وتركها (2).
فتأمل حسن هذا المثل ومطابقته للواقع سواء، فإنها في خضرتها كالشجرة، وفي سرعة انقضائها وقبضها شيئًا فشيئًا كالظلّ، والعبد مسافر إلى ربه، والمسافر إذا رأى شجرة في يوم صائف لا يحسن به أن يبني تحتها دارًا ولا يتخذها قرارًا، بل يستظلّ بها بقدر الحاجة، ومتى زاد على ذلك انقطع عن الرفاق.