[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عاشقَها حبُّها عن علمه بتلك الخطيئة وقبحها وعن كراهتها واجتنابها، وحبها يوقع في الشبهات ثم في المكروهات ثم في المحرمات، وطالما أوقع في الكفر.
بل جميع الأمم المكذبة لأنبيائهم إنما حملهم على كفرهم وهلاكهم حب الدنيا، فإن الرسل لما نهوهم عن الشرك والمعاصي التي كانوا يكتسبون بهما الدنيا، حملهم حبها على مخالفتهم وتكذيبهم، فكل خطيئة في العالم أصلها حب الدنيا.
ولا تنسَ خطيئة الأبوين قديمًا، فإنما كان سببها حب الخلود في الدنيا.
ولا تنسَ ذنب إبليس، وسببه حب الرياسة التي محبتها شرٌّ من محبة الدنيا.
وبسببها كفر فرعون وهامان وجنودهما وأبو جهل وقومه واليهود.
فحب الدنيا والرياسة [هو الذي عمر النار بأهلها، والزهد في الدنيا والرياسة هو الذي عمر الجنة بأهلها. والسكر بحب الدنيا] (1) أعظم من السكر بشرب الخمر بكثير، وصاحب هذا السكر لا يفيق منه إلا في ظلمة اللحد، ولو انكشف عنه غطاؤه في الدنيا لعلم ما كان فيه من السكر وأنه أشد من سكر الخمر، والدنيا تسحر العقول أعظم سحر.
قال الإمام أحمد: حدثنا سيار حدثنا جعفر سمعت مالك بن دينار يقول: "اتقو السحّارة، فإنها تسحر قلوب العلماء" (2).