عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

5460 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

حاصلة لجماعة من الصحابة ولم تضرهم إذ لم يتكاثروا بها.

وكل مَن كاثر إنسانًا في دنياه أو جاهه أو غير ذلك، شغلته مكاثرته عن مكاثرة أهل الآخرة، فالنفوس الشريفة العلويّة ذات الهمم العالية إنما تكاثر بما يدوم عليها نفعه وتكمل به وتزكو وتصير مفلحة، فلا تحب أن يَكْثُرَها غيرها في ذلك، وينافسه في هذه المكاثرة ويسابقه إليها، فهذا هو التكاثر الذي هو غاية سعادة العبد. وضده تكاثر أهل الدنيا بأسباب دنياهم، فهذا تكاثر مُلْهٍ عن اللَّه والدار الآخرة، وهو صائر إلى غاية القلّة، فعاقبة هذا التكاثر قلٌّ وفقر وحرمان.

والتكاثر بأسباب السعادة الأخروية تكاثر لا يزال يذكر باللَّه ولقائه، وعاقبته الكثرة الدائمة التي لا تزول ولا تفنى، فصاحب هذا التكاثر لا يهون عليه أن يرى غيره أفضل قولًا منه وأحسن عملًا وأغزر علمًا. وإذا رأى غيره أكثر منه في خصلة من خصال الخير يعجز عن لحاقه فيها، كاثره بخصلة أخرى هو قادر على المكاثرة بها.

وليس هذا التكاثر مذمومًا ولا قادحًا في إخلاص العبد، بل هو حقيقة المنافسة واستباق الخيرات، وقد كانت هذه حال الأوس مع الخزرج في تواصلهم بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومكاثرة بعضهم لبعض في أسباب مرضاته ونصره، وكذلك كانت حال عمر مع أبي بكر فلما تبيّن له مدى سبقه قال: "واللَّه لا أسابقك إلى شيء أبدًا" (1).

الصفحة

370/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !