[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وكثير من الناس تكون قوة صبره في النوع الذي شاركه فيه البهائم لا في النوع الذي يختصُّ بالإنسان، فيُعد صابرًا وليس من الصابرين.
فإن قيل فهل يشارك الجنُّ الإنسَ في هذا الصبر؟.
قيل: نعم هذا من لوازم التكليف، وهو مَطيّةُ (1) الأمر والنّهي، والجن مكلفون بالصبر على الأوامر، والصبر عن المناهي، كما كُلّفنا نحن بذلك.
فإن قيل: فهل هم مكلَّفون على الوجه الذي كُلّفنا نحن به أم على وجه آخر؟
قيل: ما كان من لوازم النفوس: كالحب والبغض والإيمان والتصديق والموالاة والمعاداة فنحن وهم مستوون فيه، وما كان من لوازم الأبدان: كغسل الجنابة وغسل الأعضاء في الوضوء والاستنجاء والختان وغسل الحيض ونحو ذلك، فلا يجب مساواتهم لنا (2) في كيفيته، وإن تعلَّق ذلك بهم على وجه يناسب خلقهم وهيئاتهم.
فإن قيل: فهل تشاركنا الملائكة في شيء من أقسام الصبر؟
قيل: الملائكة لم يُبتلوا بهوى يُحارب عقولهم ومعارفهم، بل العبادة والطاعة لهم كالنَّفَس لنا، فلا يُتصور في حقِّهم الصبر الذي حقيقته ثبات باعث العقل والدين في مقابلة باعث الشهوة والهوى (3)، وإن كان لهم صبر يليق بهم، وهو ثباتُهم وإقامتُهم على ما