[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وأجود من هذا ما فهمه المبرّد من الآية قال: كأن كفرهم لم يكن باديًا لهم إذ خفيت عليهم مضرّته (1).
ومعنى كلامه: أنهم لما خفيت عليهم عاقبته ووباله فكأنه كان خفيًّا عنهم لم تظهر لهم حقيقته، فلما عاينوا العذاب ظهرت لهم حقيقته وشره.
قال: وهذا كما تقول في من كنت حدثته في أمر قبل: ظهر لك الآن ما كنتُ قلتُ لك؟! وقد كان ظاهرًا له قبل هذا.
ولا يسهل أن يعبر عن كفرهم وشركهم الذي (2) كانوا ينادون به على رؤوس الأشهاد ويدعون إليه كل حاضر وباد بأنهم كانوا يخفونه لخفاء عاقبته عنهم، ولا يُقال لمن أظهر الظلم والفساد وقتل النفوس والسعي في الأرض بالفساد أنه أخفى ذلك لجهله بسوء عاقبته وخفائها عليه.
فمعنى الآية -واللَّه أعلم بما أراد من كلامه-: أن هؤلاء المشركين لما وقفوا على النار وعاينوها وعلموا أنهم داخلوها تمنّوا أنهم يردون إلى الدنيا فيؤمنون باللَّه وآياته ولا يكذبون رسله، فأخبر سبحانه أن الأمر ليس كذلك وأنه ليس في طبائعهم وسجاياهم الإيمان، بل سجيّتهم الكفر والشرك والتكذيب، وأنهم لو ردّوا لكانوا بعد الرد كما كانوا قبله، وأخبر أنهم كاذبون في زعمهم أنهم لو ردوا لآمنوا وصدقوا.
فإذا تقرر مقصود الآية ومرادها تبيّن لك معنى الإضراب بـ {بَلْ}،