عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

4494 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

ومعنى هذا: أن من زاول شيئًا واعتاده وتمرن عليه صار ملَكةً له وسجية وطبيعة.

قالوا: والعوائدُ تنقل الطّبائع؛ فلا يزال العبد يتكلف التصبُّر حتى يصير الصبر له سجية، كما أنه لا يزال يتكلف الحلم والوقار والسكينة والثبات حتى تصير له أخلاقًا بمنزلة الطبائع.

قالوا: وقد جعل اللَّه سبحانه في الإنسان قوة القبول والتعلم والتهيؤ للكمال (1)، فنقل الطبائع عن مقتضياتها غير مستحيل، غير أن هذا الانتقالَ قد يكون ضعيفًا فيعود العبد إلى طبعه بأدنى باعث، وقد يكون قويًّا ولكن لم ينتقل الطبع انتقالًا تامًّا (2)، فقد يعود إلى طبعه إذا قوي الباعث واشتد، وقد يستحكم الانتقال بحيث يستحدث صاحبُه طبعًا ثانيَا، فهذا لا يكاد يعود إلى طبعه الذي انتقل عنه.

وأما الاصْطبار فهو أبلغ من التصبُّر؛ فإنه افتعال للصبر بمنزلة الاكتساب، فالتصبر مبدأ الاصطبار، كما أن التكسب مقدمة الاكتساب، فلا يزال التصبُّر يتكرر حتى يصير اصطبارًا.

وأما المُصابرة فهي مقاومة الخصم في ميدان الصبر؛ فإنها مفاعلة تستدعي وقوعَها بين اثنين كالمُشاتمة والمُضاربة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: 200]؛ فأمرهم بالصبر وهو حال الصابر في نفسه، والمصابرة وهي حاله في التصبُّر مع خصمه، والمرابطة وهي الثبات واللزوم والإقامة على التصبُّر والمصابرة، فقد

الصفحة

33/ 549

مرحبًا بك !
مرحبا بك !