عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

6991 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

الإيمان في العمل الذي حبط وبطل، وأنجاه إيمانه من الخلود في النار، وإن دخلها بحبوط عمله الذي به النجاة المطلقة.

فالإيمان إيمانان: إيمان يمنع دخول النار، وهو: الإيمان الباعث على أن تكون الأعمال للَّه يُبتغى بها وجهه وثوابه. وإيمان يمنع الخلود في النار، فإن كان مع المرائي شيء منه، وإلا كان من أهل الخلود، فالآية لها حكم نظائرها من آيات الوعيد، واللَّه الموفق.

وكذلك قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20].

ومنه قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)} [الإسراء: 18 - 19].

فهذه ثلاثة مواضع من القرآن يشبه بعضها بعضًا، ويصدّق بعضها بعضًا، وتجتمع على معنى واحد، وهو: أن من كانت الدنيا مراده، ولها يعمل، وهي غاية كَدْحِهِ (1)، لم يكن له في الآخرة نصيب. ومن كانت الآخرة مراده، ولها عمله، وهي غاية سعيه، فهي له.

بقي أن يُقال: فما حكم من يريد الدنيا والآخرة، فإنه داخل تحت حكم الإرادتين فبأيهما يلحق؟

قيل: من هاهنا نشأ الإشكال وظن من ظن من المفسرين أن الآية في حق الكافر، فإنه هو الذي يريد الدنيا دون الآخرة، وهذا غير لازم طردًا ولا عكسًا؛ فإن بعض الكفار قد يريد الآخرة، وبعض المسلمين قد لا

الصفحة

321/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !