[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وإلهيته، كما أن تكذيب رسله وجحد رسالتهم يتضمن ذلك أيضًا، فمن كذّب رسله وجحد المعاد؛ فقد أنكر ربوبيته سبحانه، ونفى أن يكون ربًّا للعالمين.
والمقصود: أنه سبحانه خلق الغنى والفقر مطيتين للابتلاء والامتحان، ولم ينزل المال لمجرد الاستمتاع به، كما في "المسند" عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يقول اللَّه تعالى: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم وادٍ من مال لابتغى إليه ثانيًا، ولو كان له ثانٍ لابتغى له ثالثًا، ولا يملأ جوت ابن آدم إلا التراب" (1)، فأخبر سبحانه أنه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقه بالصلاة، وإقامة حق عباده بالزكاة، لا للاستمتاع والتلذذ كما تاكل الأنعام.
فإذا زاد المالُ على ذلك أو خرج عن هذين المقصودين، فات الغرضُ والحكمةُ التي أُنزل لها وكان التراب أولى به، فرجع هو والجوف الذي امتلأ بمحبته وجمعه إلى التراب الذي هو أصله، فلم ينتفع صاحبه به، ولا انتفع الجوف الذي امتلأ به (2) بما خُلق له من الإيمان والعلم والحكمة. فإنه خُلق لأن يكون وعاء لمعرفة ربه وخالقه، والإيمان به، ومحبته وذكره، وأنزل عليه من المال ما يستعين به على ذلك، فعطل (3) جوفه عما خُلق له وملأه بمحبة المال (4) وجمعه والاستكثار منه، ومع