[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
-صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ما هذا؟ " فقلت: فلانة الأنصارية دخلت عليّ فرأت فراشك فبعثت إليّ بهذا. فقال: "رُدّيه" فلم أردَّه، وأعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال لي ذلك ثلاث مرات، فقال: "يا عائشة رُدِّيه، فواللَّه لو شئتُ لأجرى اللَّه معي جبال الذهب والفضة" فرددته (1).
ولم يكن اللَّه سبحانه يختار لرسوله إلا الأفضل، هذا مع أنه لو أخذ الدنيا لأنفقها كلها في مرضاة اللَّه عز وجل، ولكان شكره بها فوق شكر جميع الناس.
قيل: قد احتج بحال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل واحدة من الطائفتين.
والتحقيق: أن اللَّه سبحانه جمع له بين المقامين كليهما على أتم الوجوه، فكان سيد الأغنياء الشاكرين وسيد الفقراء الصابرين، فحصل له من الصبر على الفقر ما لم يحصل لأحد سواه، ومن الشكر على الغنى ما لم يحصل لغني سواه.
ومن تأمل سيرته وجد الأمر كذلك، فكان -صلى اللَّه عليه وسلم- أصبر الخلق في مواطن الصبر، وأشكر الخلق في مواطن الشكر، وربه تعالى كمّل له مراتب الكمال فجعله في أعلى رتب الأغنياء الشاكرين، وفي أعلى مراتب الفقراء الصابرين، قال تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8].
وأجمع المفسرون على أن العائل هو الفقير، يُقال: عال الرجل