عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

8738 4

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

هواه، وصبر الرجل على ملازمة المسجد، وصبر المتصدق على إخفاء الصدقة حتى عن بعضه، وصبر المدعو إلى الفاحشة مع جمال الداعي ومنصبه، وصبر المتحابين في اللَّه على [ذلك في حال اجتماعهما وافتراقهما، وصبر الباكي من خشية اللَّه على] (1) كتمان ذلك وإظهاره للناس، من أشق الصبر.

ولهذا كان عقوبة الشيخ الزاني والملك الكذاب والفقير المختال أشد العقوبة لسهولة الصبر عن هذه المحرمات عليهم لضعف دواعيها في حقهم، فكان تركهم الصبر عنها دليلًا على تمردهم على اللَّه وعتوهم عليه.

ولهذا كان الصبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصبر لشدة الداعي إليهما وسهولتهما، فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان؛ كالنميمة، والغيبة، والكذب، والمراء، والثناء على النفس تعريضًا وتصريحًا، وحكاية كلام الناس، والطعن على من يبغضه، ومدح (2) من يحبه ونحو ذلك، فتتفق قوة الداعي وتيسر حركة اللسان، فيضعف الصبر، ولهذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذ: "أمسك عليك لسانك". فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "وهل يكبّ الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟! " (3).

ولا سيما إذا صارت المعاصي اللسانية معتادة للعبد، فإنه يعز عليه

الصفحة

126/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !