عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

2888 2

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

وهذا كالذي يصلح أرضه، ويهيئها لقبول الزرع، ويودع فيها البذر، وينتظر نزول الغيث، فإذا طهّر العبد قلبه وفرّغه من إرادات السوء وخواطره، وبذر فيه بذر الذكر والفكر والمحبة والإخلاص، وعرّضه لمهاب رياح الرحمة، وانتظر نزول غيث الرحمة في أوانه، كان جديرًا في حصول المُغَلّ (1).

وكما يقوى الرجاء لنزول الغيث في وقته، كذلك يقوى الرجاء لإصابة نفحات الرحمن جل جلاله في الأوقات الفاضلة والأحوال الشريفة، ولا سيما إذا اجتمعت الهمم، وتساعدت القلوب، وعظم الجمع، كجمع عرفة وجمع الاستسقاء وجمع أهل الجمعة، فإن اجتماع الهمم والأنفاس أسباب نصبها اللَّه تعالى مقتضية لحصول الخير ونزول الرحمة، كما نصب سائر الأسباب مُفضِية إلى مسبِّباتها.

بل هذه الأسباب في حصول الرحمة، أقوى من الأسباب الحسية في حصول مسبّباتها، ولكن العبد لجهله يغلب عليه الشاهد على الغائب والحس على العقل، ولظلمه يؤثر ما يحكم به هذا ويقتضيه على ما يحكم به الآخر ويقتضيه، ولو فرغّ العبد المحل وهيأه وأصلحه لرأى العجائب، فإن فضل اللَّه لا يرده إلا المانع الذي في العبد، فلو أزال ذلك المانع لسارع إليه الفضل من كل صوب. فتأمل حال نهر عظيم يسقي كل أرض يمر عليها، فحصل بينه وبين بعض الأرض المعطشة المُجدبة سكْرٌ (2) وسدّ كثيف، فصاحبها يشكو الجدب، والنهر إلى جانب أرضه!

الصفحة

111/ 549

مرحبًا بك !
مرحبا بك !