حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح

8637 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 57

من الرحمة، فإذا كان جانب الرحمة قد غلب في هذه الدار، ونالت البَرَّ والفاجر والمؤمن والكافر، مع قيام مقتضى العقوبة به ومباشرته له، وتمكنه من إغضاب ربه، والسعي في مسَاخِطِه، فكيف لا يغلب جانب الرحمة في دار تكون الرحمة فيها مضاعفة على ما في هذه الدار تسعة وتسعين ضعفًا (1) ، وقد أخذ العذاب من الكفار مأخذه، وانكسرت تلك النفوس ونهكها العذاب، وأذاب منها خبثًا (2) وشرًّا، لم يكن يحول بينها وبين رحمته لها في الدنيا، بل كان يرحمها مع قيام مقتضى العقوبة والغضب بها فكيف إذا زال مقتضى الغضب والعقوبة، وقوي جانب الرحمة أضعاف أضعاف الرحمة في هذه الدار، واضمحل الشر والخبث الذي فيها فأذابته النار وأكلته.

وسِرُّ الأمر أن أسماء الرحمة والإحسان أغلب وأكثر وأظهر من أسماء الانتقام، وفعل الرحمة أكثر من فعل الانتقام، وظهور آثار الرحمة أعظم من ظهور آثار الانتقام، والرحمةُ أحب إليه من الانتقام، وبالرحمة خَلَقَ خلْقه ولها خلقهم، وهي التي سبقت غضبه وغلبته، وكتبها على نفسه، ووسعت كل شيء، وما خلق بها فمطلوب لذاته، وما خلق بالغضب فمراد لغيره، كما تقدم تقرير ذلك (3) . والعقوبة تأديب وتطهير، والرحمة إحسان وكرم وجود،

الصفحة

789/ 848

مرحباً بك !
مرحبا بك !