
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 106 - 107]. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن شاء اللَّه أن يخرج ناسًا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فَعَل" (1) .
وهذا الحديث يدل على أن الاستثناء إنما هو للخروج من النار بعد دخولهم خلافًا لمن زعم: أنه لما قبل الدخول؛ ولكن إنما يدل على إخراج بعضهم من النار، وهذا حق بلا ريب، وهو لا ينفي انقطاعها وفناء عذابها، وأكلها لمن فيها، وأنهم يُعَذَّبون فيها دائمًا ما دامت كذلك، وما هم منها بمخْرَجين، فالحديث دل على أمرين:
أحدهما: أنَّ بعض الأشقياء إن شاءَ اللَّهُ يخرجهم من النار -وهي نار- فَعَلَ، وأن الاستثناء أنما هو فيما بعد دخولها، لا فيما قبله.
وعلى هذا، فيكون معنى الاستثناء: إلا ما شاء ربك من الأشقياء، فإنهم لا يخلدون فيها، ويكون الأشقياء نوعين: نوعًا يخرجون منها، ونوعًا يخلدون فيها، فيكونون من الذين شقوا أوّلًا، ثم يصيرون من الذين سُعِدوا، فتجتمع لهم الشقاوة والسعادة في وقتين.
قالوا: وقد قال تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً