
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قال: ولا ريب أنَّ مَنْ قال هذا القول عن عمر، ونقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها، فأما قوم أصيبوا بذنوبهم، فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها، وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج، ولا قريبًا منه.
ولفظ "أهل النار" لا يختص بالموحِّدين، بل هو مختص بمن عداهم، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون" (1) ، ولا يناقض هذا قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا}، وقوله: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] بل ما أخبر اللَّه به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه، لكن إذا انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا لم يبق نارًا ولم يبق فيها عذاب.
قال أرباب هذا القول: في "تفسير علي بن أبي (2) طلحة الوالبي": عن ابن عباس في قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) } [الأنعام: 128]. قال: "لا ينبغي لأحد أن يحكم على اللَّه في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا نارًا" (3) .
قالوا: وهذا الوعيد في هذه الآية ليس مختصًّا بأهل القبلة، فإنه سبحانه قال: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ