
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
حقًّا، وبنوا عليه القول بخلق القرآن، ونفي الصفات، وقد دلَّ القرآن والسنَّة والعقل الصريح على أنَّ كلمات اللَّه وأفعاله لا تتناهى، ولا تنقطع بآخرٍ، ولا تُحدُّ بأوَّل، قال اللَّهُ تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109].
وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27] فأخبر عن عدم نفادٍ لكلماته لِعِزَّته وحكمته، وهذان وصفان ذاتيان له سبحانه وتعالى لا يكون إلا كذلك.
وذكر ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1) عن سليمان بن عامر قال: سمعت الربيع بن أنس يقول: "إن مثل علم العباد كلهم في علم اللَّه عز وجل كقطرة من هذه البحور كلها، وقد أنزل سبحانه في ذلك {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} الآية".
وقوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الآية؛ يقول سبحانه لو كان البحر مدادًا لكلمات اللَّه، والشجر كلها أقلام لانكسرت الأقلام، وفني ماء البحر، وكلمات اللَّه تعالى باقية لا يفنيها شيء؛ لأن أحدًا لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي، بل هو كما أثنى على نفسه، إن ربنا كما يقول وفوق ما يقول، ثم إن مثل نعيم الدنيا أوَّله وآخره في نعيم الآخرة كحبة من (2) خردل في خلال الأرض كلها" (3) .