
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الباب السادس والستون: في تكليمه سبحانه لأهل الجنَّة، وخطابه لهم ومحاضرته إيَّاهم، وسلامه عليهم
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [آل عمران: 77].
وقال في حقِّ الَّذين يكتمون ما أنزلَ اللَّهُ من الهُدَى والبيِّنات: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 174].
فلو كان لا يكلِّم عباده المؤمنين، لكانوا في ذلك هم وأعداء اللَّه (1) سواء، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنَّه لا يكلمهم فائدةً أصلًا، إذْ تكليمه لعباده عند الفرعونية والمعطِّلة مثل أنْ يُقال: يؤاكلهم ويشاربهم، ونحو ذلك، تعالى اللَّهُ عمَّا يقولون.
وقد أخبر سبحانه أنَّه يسلِّمُ على أهل الجنَّة، وأنَّ ذلك السلام حقيقة، وهو قولٌ من ربٍّ رحيم (2)، وتقدَّم تفسيرُ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهذه الآية في حديث جابر في الرؤية، وأنَّه يشرف عليهم من فوقهم، ويقول: "سَلَامٌ عليكم يا أهل الجنَّة" (3) فيرونه عيانًا، وفي هذا إثبات الرؤية