
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المزيد؟ قال: إنَّ اللَّه اتَّخذَ في الجنَّة واديًا أفيح من مسكٍ أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل ربنا عزَّ وجلَّ على كرسيِّه إلى ذلك الوادي، وقد حُفَّ العرشُ بمنابر من ذهبٍ مكلَّلةٍ بالجوهرِ، وقد حُفَّت تلك المنابر بكراسي من نورٍ، ثمَّ يؤذن لأهل الغرف فيقبلون يخوضون كثبان المسك إلى الرُّكَب، عليهم أسورة الذهب والفضة وثياب السندس والحرير، حتَّى ينتهوا إلى ذلك الوادي، فإذا اطمأنُّوا فيه جلوسًا بعث اللَّه عليهم ريحًا يُقال لها: المثيرة، فثارت عليهم ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم، وهم يومئذٍ جُرْدٌ مردٌ مكحلون أبناء ثلاث وثلاثين على صورة آدم يوم خلقه اللَّه عز وجل، فينادي رب العزة تبارك وتعالى رضوان وهو خازن الجنة، فيقول: يا رضوان، ارفع الحجب بيني وبين عبادي وزُوَّارِي، فإذا رفع الحجب بينه وبينهم فرأوا بهاءه ونوره هَبُّوا له بالسجود، فيناديهم تبارك وتعالى بصوته: ارفعوا رؤوسكم فإنما كانت العبادة في الدنيا، وأنتم اليوم في دار الجزاء، سلوني ما شئتم فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فهذا محل كرامتي فسلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا وأي خير لم تفعله بنا، ألستَ الذي أعنتنا على سكرات الموت، وآنست منا الوحشة في ظلمة القبور، وآمنت روعتنا عند النفخة في الصور؟ ألستَ أقلتنا عثراتنا، وسترت علينا القبيح من فعلنا، وثَبَّتَّ على جسر جهنَّم أقدامنا؟ ألستَ الَّذي أدنيتنا من جوارك وأسمعتنا لذاذة منطقك، وتجليت لنا بنورك فأيُّ خيرٍ لم تفعله بنا؟ فيعودُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ، فيناديهم بصوته فيقول: أنا ربُّكم الَّذي صدقتكم وعدي، وأتممتُ عليكم نعمتي فسلوني، فيقولون: نسألك رضاك، فيقول: برضائي عنكم