
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الخُلْدِ فقال: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) } [طه: 118 - 119].
وهذا لا يكون في الدنيا أصلًا، فإنَّ الرَّجل ولو كان في أطيب منازلها فلا بُدَّ أن يعرض له شيءٌ من ذلك، وقابل سبحانه بين الجوع والعُرْي، والظمأ (1) والضحى، وذلك أحسن من المقابلة بين الجوع والعطش، والعري (2) والضحى؛ فإنَّ الجوعَ ذلُّ الباطن، والعُري ذلُّ الظَّاهرِ، والظمأُ حرُّ الباطنِ، والضحى حرُّ الظاهرِ؛ فنفى عن ساكنها ذلَّ الظاهر والباطن، وحرَّ الظاهر والباطن (3) ، وهذا شأن ساكن جنَّة الخلدِ.
قالوا: وأيضًا، فلو كانت تلك الجنَّة فيِ الدنيا لَعَلِمَ آدمُ كذب إبليس في قوله: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) } [طه: 120]؛ فإنَّ آدم كان يعلمُ أنَّ (4) الدنيا مُنقضية فانية، وأنَّ ملكها يبلى.
قالوا: وأيضًا، فهذه القصة في سورة البقرة ظاهرةٌ جدًّا في أنَّ الجنَّة التي أُخْرِجَ منها فوق السَّماءِ، فإنَّه سبحانه قال: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا