
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بِخَيْلٍ (1) عليها جِنَّةٌ عبقريةٌ ... جَدِيرون يومًا أنْ ينالوا فيستعلوا (2)
قال أبو الحسن الواحدي: "وهذا القول هو الصحيح في العبقري، وذلك أنَّ العربَ إذا بالغتْ في وصف شيءٍ نَسَبتْهُ إلى الجنِّ، أو شَبَّهته بهم، ومنه قول لَبِيْدٍ:
جِنُّ البَديِّ رواسيًا أقدامُها (3)
وقال آخر يَصِفُ امرأةً:
جنِّيةٌ ولها جِنٌّ يُعلِّمُها ... رَمْيَ القُلوبِ بِقَوْسٍ ما لها وَتَر (4)
وذلك أنَّهم يعتقدون في الجن كل صفة عجيبة، وأنَّهم يأتون بكلِّ أمرٍ عجيبٍ، ولمَّا كان عبقر معروفًا بسكناهم نسبوا كلِّ شيءٍ مبالغٍ فيه إليها، يريدون بذلك أنَّه من عملهم وصنعهم. هذا هو الأصل، ثمَّ صار العبقري اسمًا ونعتًا لكلِّ ما بُولِغَ في صفته، ويشهد لما ذكرنا بيت زهير، فإنَّه نسب الجن إلى عبقر، ثمَّ رأينا أشياء كثيرة نُسِبَت إلى عبقرٍ غير البسط والثياب: كقوله في صفة عمر "عَبْقَرِيًّا" (5) ، وروى سلمة عن الفرَّاء قال: العبقري: السَّيِّد من الرجال، وهو الفاخر من الحيوان