
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقال تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) } [الإنسان: 15 - 16].
فالقوارير: هي الزجاج، فأخبر سبحانه وتعالى عن مادة تلك الآنية أنَّها من الفضة، وأنَّها بصفاء الزجاج وشفافته، وهذا من أحسن الأشياء وأعجبها، وقطع سبحانه توهُّم كون تلك القوارير من زجاج فقال: {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ}، قال مجاهد وقتادة ومُقاتل والكلبي والشعبي: "قوارير الجنَّة من الفضة" (1) ، فاجتمع لها بياض الفضة وصفاء القوارير.
قال ابن قتيبة: "كل ما في الجنَّة من الأنهار وسررها وفرشها وأكوابها مخالفٌ لما في الدنيا من صنعة العباد، كما قال ابن عباس: "ليس في الدنيا شيءٌ ممَّا في الجنَّة إلَّا الأسماء" (2) ، والأكواب في الدنيا، قد تكون من فضة، وتكون من قوارير، فأعلمنا اللَّهُ تعالى أنَّ هناك أكوابًا لها بياض الفضة، وصفاء القوارير، قال: وهذا على التشبيه، أراد قوارير كأنَّها من فضة، وهذا كقوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ