
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (3)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - أحمد جاح عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 575
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (3) جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام - صلى الله عليه وسلم - تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
رحمة الله سبحانه وتعالى جُمْلة، وكان جَهْمٌ يخرج إلى الجَذْمَى ويقول: أرحم الراحمين يفعل هذا! إنكارًا لرحمته سبحانه وتعالى.
وهذا الذي ظنه هذا القائل هو شبهة منكري صفات الرب سبحانه وتعالى، فإنهم قالوا: الإرادة: حركة النفس لجلب ما ينفعها ودفع ما يضرها، والرب تعالى يتعالى عن ذلك فلا إرادة له، والغضب: غليان دم القلب طلبًا للانتقام، والرب منزه عن ذلك، فلا غضب له، وسلكوا هذا المسلك الباطل في حياته وكلامه وسائر صفاته. وهو من أبطل الباطل، فإنه أخذ في مسمى الصفة خصائصَ المخلوق، ثم نفاها جملةً عن الخالق سبحانه، وهذا في غاية التلبيس والإضلال؛ فإن الخاصية (1) التي أخذها في الصفة لم تثبت (2) لها لذاتها، وإنما يثبت لها بإضافتها إلى المخلوق الممكن، ومعلوم أن نفي خصائص صفات المخلوقين عن الخالق سبحانه وتعالى لا يقتضي نفي أصل الصفة عنه سبحانه، ولا إثبات أصل الصفة له يقتضي إثبات خصائص المخلوق له، كما أن ما نُفِيَ عن صفات الرب سبحانه وتعالى من النقائص والتشبيه لا يقتضي نفيه عن صفة المخلوق، ولا ما ثبت لها من الوجوب والقدم والكمال يقتضي ثبوته للمخلوق، لإطلاق (3) الصفة على الخالق والمخلوق. وهذا مثل الحياة والعلم، فإن حياة العبد تعرض لها الآفات المضادة