الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب

الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب

2515 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]

راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي

مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، "أحمدُه حمدًا كما ينبغي لكرم وجهه وعِزِّ جلاله، وأستعينُه استعانة من لا حول له ولا قوَّة إلَّا به، وأستهديه بِهُداهُ الذي لا يَضِلُّ مَنْ أنْعَم به عليه، وأستغفره لما أزلفتُ وأخَّرْتُ؛ استغفارَ مَنْ يُقِرُّ بعبوديَّته، ويعلم أنه لا يغفرُ ذنبَه ولا يُنْجِيهِ منه إلّا هو.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبده ورسوله" (1)، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أمّا بعدُ؛ فهذه رسالةٌ جليلةُ القَدْرِ، نبيلةُ المقْصِد، صادقةُ اللَّهجة، مُشرِقةُ المعاني، بَعَثَ بها عالمٌ ربانيٌّ إلى بعضِ إخوانِه، ليُحدِّثهم فيها -حديثَ الناصحِ الوَجِل، والمُشْفِق الحَدِب- عن ذكر الله تعالى، وما يحصُلُ به مِنْ حياةِ القلوب، وشفاءِ الصدور، ومتاعِ الأرواح، وبهجةِ الأنفس، وقُرَّةِ العَيْن، ونعيمِ الدنيا.
ولِيَقُصَّ عليهم في سُطورها منزلةَ هذه العبادة العظيمة، ورفيعَ مقامها، وجليلَ مكانِها، ووافِر هِباتِها وعوائِدها على أهلها.
وليُبَصِّرهم في أثنائها موضعَ هذه الشَّعيرة من هذا الدين، وأنها مِنْهُ بالمحلِّ الأسنى، والمقامِ الأسمى، والدَّرجةِ العاليةِ الرفيعة.
ولِيَتْلُوَ عليهمِ من كتاب ربِّهم، وحديث رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعض ما ورد بفضلها، ونَطَقَ بِشَرَفِها.

الصفحة

5/ 60

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين هذه رسالة كتبها شيخنا الإمام العالم الحَبْر العلّامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، المعروف بابن قيم الجوزية، تغمده الله برحمته، إلى بعض إخوانه، وسمّاها "الكلم الطيب والعمل الصالح"، وهي كما سمّاها (1).
قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهُ سبحانه وتعالى المسئُول (2) المرجوُّ الإجابة أن يتولاكم في الدنيا والآخرة، وأن يُسْبِغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنةً (3)، وأن يجعلكم ممن إذا أنْعَم الله عليه شكر، وإذا ابْتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر؛ فإن هذه الأمور الثلاثة هي عُنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه، ولا يَنْفَكُّ عبدٌ عنها أبدًا، فإنّ العبد دائمًا يتقلَّبُ بين هذه الأطباق الثلاث.
نِعَمٌ من الله تعالى تترادف عليه، فَقَيْدُها الشكر، وهو مبنيّ على ثلاثة أركان: الاعتراف بها باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وتصريفها في مرضاة

الصفحة

5/ 532

مرحبًا بك !
مرحبا بك !