
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
* أمّا ما يتعلَّق بمنهج المصنِّف في الكتاب، فإنّ المُتَمعِّنَ فيه يلحظ أمورًا، منها: 1 - أنّ المصنِّف فيما يتعلَّق بالفصل الرابع الذي عقده لبيان الأذكار المُوَظَّفةِ (وهو ما يمثِّل الثلث الأخير من الكتاب تقريبًا) قد استفاد من كتاب شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الكلم الطيب" استفادةً عظيمة، واتخذه -فيما يظهر- أصلًا لفصله هذا (1) ، وشواهدُ ذلك من الكتابَيْن حاضرةٌ بيِّنةٌ، ومَنْ قارن بين أيِّ فصلين مِنْ فصولهما لم يتردَّدْ في هذا، ولم يَحْتَجْ إلى عناء تكلُّف إقامة الاستدلال عليه.
فالنصوصُ الواردة في مُعْظَم فصول الكتابين واحدة، وترتيبُها داخل الفُصولِ مُتَّحِدٌ في الغالب، وطريقةُ سياق رواياتها مُتَّفِقةٌ كذلك، وعباراتُ شيخ الإسلام المبثوثةِ في كتابه هي في نفسِ مواضعها من هذا الكتاب.
إلّا أنّ كتاب المصنِّف -مع ذلك كلِّه- ليس نُسْخةً من كتاب شيخه -في هذا القِسْمِ، قِسْمِ الأذكار- كما قد يَظنُّ مُتَعجِّلٌ، بل لابن القيِّم فيه من الإضافات والتَّهذيب والتَّحرير ما هو خليقٌ بشخصيَّته العِلميَّة المُجَدِّدة.
فمِنْ عَمَلِ ابن القيِّم: أنه أضاف إلى كتابه فصولًا كثيرة ليست في
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين هذه رسالة كتبها شيخنا الإمام العالم الحَبْر العلّامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، المعروف بابن قيم الجوزية، تغمده الله برحمته، إلى بعض إخوانه، وسمّاها "الكلم الطيب والعمل الصالح"، وهي كما سمّاها (1).
قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهُ سبحانه وتعالى المسئُول (2) المرجوُّ الإجابة أن يتولاكم في الدنيا والآخرة، وأن يُسْبِغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنةً (3)، وأن يجعلكم ممن إذا أنْعَم الله عليه شكر، وإذا ابْتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر؛ فإن هذه الأمور الثلاثة هي عُنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه، ولا يَنْفَكُّ عبدٌ عنها أبدًا، فإنّ العبد دائمًا يتقلَّبُ بين هذه الأطباق الثلاث.
نِعَمٌ من الله تعالى تترادف عليه، فَقَيْدُها الشكر، وهو مبنيّ على ثلاثة أركان: الاعتراف بها باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وتصريفها في مرضاة