
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
(الذِّكر)، وهو المقصود بهذا التصنيف، فافتتح القول فيه بذكر طائفة طيِّبة من النصوص الواردة في فضله وشرفه، ثم شرع في سرد فوائده، فذكر ثلاثًا وسبعين فائدة (1) ، ثم عقَّب ذلك بفصولٍ نافعةٍ ثلاثة، تتعلَّقُ بالذكر تقسيمًا وتقعيدًا، وجعل الفصل الرابع في الأذكار المُوظَّفة التي لا ينبغي للعبد أن يُخِلَّ بها، وكسَّره على خمسةٍ وسبعين فصلًا، تشتمل على الأذكار التي يحتاجها العبدُ في سائر أحواله، ثم ختم كتابه بحمد الله عز وجلَّ، والصلاة على نبيّه محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما عرَّف بالله تعالى ودعا إليه.
وهكذا مضى المصنِّفُ في كتابه على سَنَنٍ بَيِّنٍ، وسبيلٍ واضحةٍ لا أَمْتَ فيها ولا اعوجاج.
ولعلَّ من لم يُمْعِن النظر في الكتاب كُلِّه، ولا أحاط بأطرافِ مباحثه، ولا أَلَمَّ بمعاقد القول فيه؛ أنْ يَصِفَه بعدم الترتيب، واختلالِ النَّظْم؛ فِعْلَ ضَعَفَةِ القُرَّاءِ مِنْ متعالمي العَصْر.
وهو كما ترى .. وُضوحَ طريقةٍ، واستقامةَ منهج.
ولمّا كان عُظْمُ الكتاب وعمودُه، ومقصودُه الأجَلّ، ومرادُه الأهمّ؛ الحديثَ عن الذكر، بيانًا لفضله، وإيضاحًا لفوائده، وبسطًا وتعدادًا لمواضِعه وأزمنته = ناسبَ أن يسمِّي المصنِّفُ كتابه بما يوافق هذا المقصود.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين هذه رسالة كتبها شيخنا الإمام العالم الحَبْر العلّامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، المعروف بابن قيم الجوزية، تغمده الله برحمته، إلى بعض إخوانه، وسمّاها "الكلم الطيب والعمل الصالح"، وهي كما سمّاها (1).
قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهُ سبحانه وتعالى المسئُول (2) المرجوُّ الإجابة أن يتولاكم في الدنيا والآخرة، وأن يُسْبِغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنةً (3)، وأن يجعلكم ممن إذا أنْعَم الله عليه شكر، وإذا ابْتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر؛ فإن هذه الأمور الثلاثة هي عُنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه، ولا يَنْفَكُّ عبدٌ عنها أبدًا، فإنّ العبد دائمًا يتقلَّبُ بين هذه الأطباق الثلاث.
نِعَمٌ من الله تعالى تترادف عليه، فَقَيْدُها الشكر، وهو مبنيّ على ثلاثة أركان: الاعتراف بها باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وتصريفها في مرضاة