[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
آثَارُ الإِمَامِ ابْنِ قَيّم الجَوْزِيَّةَ وَمَا لَحِقَهَا مِنْ أَعْمَالٍ (2)
الوَابِلُ الصَّيِّبُ وَرَافِعُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ
تَأليف الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر بْنِ أَيُّوب ابْنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ (691 هـ - 751 هـ)
تَحْقِيق عَبْد الرّحْمَنِ بْن حَسَن بْن قَائِد
إِشْرَاف بَكْر بْن عَبْدِ اللهِ أَبُو زَيْد
دَارُ عَطَاءَاتِ العِلْم - دار ابن حزم
وإن قلتَ: يَسْرق (1) من بيت الملك، كان ذلك كالمستحيل الممتنع؛ فإنّ عليه من الحرس واليَزَكِ (2) ما لا يستطيع اللص الدُّنُوَّ منه، كيف وحارسه الملك بنفسه؟!، وكيف يستطيع اللص الدُّنُوَّ منه وحوله من الحرس والجند ما حوله؟! فلم يبق لِلِّصِّ إلا البيت الثالث، فهو الذي يَشُنُّ عليه الغارة.
فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل، ولينزله على القلوب، فإنها على منواله.
فقلبٌ خلا من الخير كله، وهو قلب الكافر والمنافق، فذلك بيت الشيطان، قد أحرزه لنفسه واستوطنه، واتخذه سكنًا ومستقرًّا، فأيُّ شيء يسرق منه، وفيه خزائنه وذخائره، وشكوكه وخيالاته ووساوسه؟! وقلبٌ قد امتلأ من جلال الله عز وجل وعظمته، ومحبته ومراقبته، والحياء منه، فأيُّ شيطان يجترئ على هذا القلب؟!، وإن أراد سرقة شيء منه، فماذا يسرق؟!، وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخَطْفَةٍ ونَهْبَةٍ تحصل له على غِرَّةٍ من العبد وغفلةٍ لابد له منها؛ إذْ هو بشر، وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو، والذهول وغلبة الطبع.