[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
آثَارُ الإِمَامِ ابْنِ قَيّم الجَوْزِيَّةَ وَمَا لَحِقَهَا مِنْ أَعْمَالٍ (2)
الوَابِلُ الصَّيِّبُ وَرَافِعُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ
تَأليف الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر بْنِ أَيُّوب ابْنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ (691 هـ - 751 هـ)
تَحْقِيق عَبْد الرّحْمَنِ بْن حَسَن بْن قَائِد
إِشْرَاف بَكْر بْن عَبْدِ اللهِ أَبُو زَيْد
دَارُ عَطَاءَاتِ العِلْم - دار ابن حزم
وهُمومه وعُزُومه، والعذابُ كل العذاب في تَفْرِقَتِها (1) وتشتُّتها عليه، وانفراطها له، والحياةُ كل الحياةِ (2) والنَّعيمُ في اجتماع قلبه وهمِّه، وعزمه وإرادته.
ويُفَرِّق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسراتِ على فَوْتِ حُظُوظه ومطالبه.
ويُفَرِّقُ أيضًا ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتَضْمَحِلّ.
ويفرِّق أيضًا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان؛ فإن إبليس لا يزال يبعث له سَريّة بعد سَرِيَّة، وكلما كان أقوى طلبًا لله سبحانه وتعالى، وأشدَّ تَعَلُّقًا به وإرادةً له كانت السَّرِيَّةُ أكثف وأكثر وأعظم شوكة، بحسب ما عند العبد من مَوادِّ الخير والإرادة، ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر.
وأما تقريبه البعيد؛ فإنه يقرِّب إليه الآخرة التي يُبَعِّدها منه الشيطان والأمل، فلا يزال يَلْهَجُ بالذكر حتى كأنه قد دخلها وحضرها، فحينئذ تَصْغُر في عينه الدنيا، وتَعْظُم في قلبه الآخرة.
ويُبَعِّدُ القريب إليه، وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة، فإن