
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
ثم «الكُهُولَة» و «الشَّيخُوخَة».
وهو في كلِّ مرحلة من هذه المراحل: يتَّسم بصفات وسِمَاتٍ جسميَّة ونفسيَّة وخُلقيَّة تختلف عن الأخرى، وله في كل مرحلةٍ وطور حاجاتٌ ودوافع، ولكل مرحلة مشكلات خاصة وأساليب في التكيُّف والنموِّ والتربية، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، عند تربية هذا الكائن.
والإسلام ــ دين الله الخالد ــ يضع لكل مرحلة من مراحل عمر الإنسان خطة تربوية فذة، ترتقي بهذا الإنسان إلى مدارج عالية وآفاق سامية، نلمحها في علاقة هذا الإنسان وتعامله مع ربه تبارك وتعالى، ومع نفسه، ومع الآخرين من حوله.
المنهج التربوي المتميز: واليوم نجد كثيرًا من المثقفين وغير المثقفين يديرون كلمة «التربية» على ألسنتهم صباحَ مساء، وينظرون إلى مناهج التربية في بلاد الغرب على أنها هي التربية المثالية الفذة، التي تجعل من الإنسان نموذجًا مثاليًا يُشار إليه بالبنان ... و ينسون- وهم في غرة البريق الخادع - أصالةَ دينهم، وشخصيتَهم الإسلامية، ومنهجَهم التربويَّ المتميز ...
فكان من الوفاء لهذا الدِّين ولهذه الأمة وأجيالها المؤمنة: أن نعود بالأمر إلى نصابه، وبالفضل لأهله وذويه، وهذا ما دفعني لكتابة هذه الكلمات في تقديم هذا الكتاب، و الصلة بينهما وثيقة ومتينة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبهِ نستعينُ (1) الحمدُ للهِ العليِّ العظيمِ، الحليمِ الكريمِ، الغفورِ الرَّحيمِ (2).
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مَالكِ يومِ الدِّينِ (3)، بدأ (4) خلْقَ الإنسانِ من سُلالةٍ مِنْ طينٍ، ثمَّ جعلَه نُطْفَةً في قَرارٍ مَكينٍ، ثم خلَق النُّطفةَ عَلَقةً سوداءَ (5) للنَّاظرينَ، ثم خلَق العَلَقةَ مُضْغَةً ـ وهي قطعةُ لحمٍ بقدر أُكْلَةِ الماضِغِينَ ـ ثم خلقَ المُضْغةَ عظامًا مختلفةَ الأشكالِ (6) أساسًا (7) يقومُ عليه هذا البناءُ المتينُ (8)، ثم كَسَا العظامَ