
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22) تحفة المودود بأحكام المولود تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عثمان بن جمعة ضميرية وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
العشر يتجدَّدُ له حالٌ أخرى يقوى فيها تمييزُه ومعرفتُه، ولذلك ذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى وجوب الإيمانِ عليه في هذا الحال، وأنه يُعَاقَب على تَرْكِه، وهذا اختيارُ أبي الخطَّاب وغيره، وهو قول قويٌّ جدًّا، وإن رفع عنه قلم التكليف بالفروع، فإنَّه قد أُعْطِي آلةَ معرفةِ الصانع والإقرار بتوحيده وصدق رسله، وتمكَّنَ مِن نظر مثله واستدلاله، كما هو متمكِّن من فهم العلوم والصنائع، ومصالح دنياه، فلا عذر له في الكفر بالله ورسوله، مع أنَّ أدلة الإيمان بالله ورسوله أظْهَرُ من كلِّ علمٍ وصناعةٍ يتعلَّمُها.
وقد قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام/ 19]. أي: ومن بلَغَهُ القُرآنُ. فكلُّ من بلغه القرآنُ وتمكَّن من فهمه، فهو منذَرٌ به.
والأحاديثُ التي رُوِيَتْ في امتحان الأطفال والمعتوهين والهالك في الفترة، إنَّما تدلُّ على امتحانِ مَنْ لم يَعقل الإسلامَ، فهؤلاء يُدْلُونَ بِحُجَّتِهم أنَّهم لم تبلُغْهم الدعوةُ ولم يَعقِلوا الإسلام، ومَنْ فَهِمَ دقائق الصناعات والعلوم لا يمكنه أن يُدْلِيَ على الله بهذه الحجة.
وعدمُ ترتيبِ الأحكامِ عليهم في الدنيا قبل البلوغ، لا يدلُّ على عدم ترتيبها عليهم في الآخرة.
وهذا القولُ هو المَحْكِيُّ عن أبي حنيفةَ وأصحابِه، وهو في غايةِ القوَّةِ (1).