
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22) تحفة المودود بأحكام المولود تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عثمان بن جمعة ضميرية وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وكان يجتذبه من سُرَّته وهو ألطف شيء معتدل صحيح قد يصحُّ قلب الأم وعروقها الضوارب (1)، فهو شبيه بما يجتذبه من هو داخل الحمام من الهواء اللطيف المعتدل، ثم يخرج منه وهلة واحدة عريانًا إلى الهواء العاصف المؤذي.
وبالجملة فقد انتقل عن مألوفه وما اعتاده وهلة واحدة، إلى ما هو أشدُّ عليه منه وأصعب. وهذا من تمام حكمة الخلَّاق العليم، ليمرن عبده على مفارقة عوائده ومألوفاته إلى ما هو أفضل منها وأنفع وأوفق له.
وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق/ 19]. أي حالًا بعد حال طبقا عن طبق» حالاً بعد حال. قال هذا نبيكم - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري في التفسير، تفسير سورة الانشقاق: 8/ 698." data-margin="2">(2)، فأول أطباقه كونُه نطفةً، ثم عَلَقَةً، ثم مُضْغَةً، ثم جَنِينًا، ثم مولودًا، ثم رضيعًا، ثم فطيمًا، ثم صحيحًا أو مريضًا، غنيًّا أو فقيرًا، معافى أو مبتلى، إلى جميع أحوال الإنسان المختلفة عليه إلى أن يموت، ثم يُبعث، ثم يُوقف بين يدي الله تعالى، ثم يصير إلى الجنة أو النار.
فالمعنى: لَتَرْكَبُنَّ حالًا بعد حالٍ، ومنزلًا بعد منزلٍ، وأمرًا بعد أمرٍ.
قال سعيد بن جبير وابن زيد: لتكونُنَّ في الآخرة بعد الأولى، ولتصيرُنَّ أغنياء بعد الفقر، وفقراء بعد الغنى.