[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22) تحفة المودود بأحكام المولود تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عثمان بن جمعة ضميرية وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ومن العجب أن يُحْمَلَ قولُه: «اعْدِلُوا بين أَوْلَادِكُمْ» على غير الوجوب، وهو أمر مطلَقٌ مؤكَّد ثلاث مرات، وقد أخبر الآمِرُ به أنَّ خلافَه جَوْرٌ، وأنه لا يَصْلُحُ، وأنه ليس بحقٍّ، وما بعدَ الحقِّ إلا الباطلُ! هذا والعدل واجبٌ على كلِّ حالٍ، فلو كان الأَمْرُ بهِ مطلقًا لَوَجَبَ حَمْلُه على الوجوب، فكيف وقد اقْتَرنَ به عشَرةُ أشياءَ تؤكِّدُ وُجُوبَه، فتأمَّلْها في ألفاظ القصَّة (1)! وقد ذكر البَيْهَقِيُّ من حديث أبي أَحْمَد بن عَدِيّ، حدّثنا القاسمُ بنُ مَهْدِيّ، حدّثنا يَعقوب بنُ كاسبٍ، حدّثنا عبد الله بنُ مُعَاذ، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن أنسٍ: أن رجلًا كان جالسًا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فجاء بُنَيٌّ له، فقبَّله، وأجْلَسَهُ في حِجْرِهِ، ثم جاءت بُنَيَّةٌ، فأخَذَهَا، فأَجْلسَهَا إلى جَنْبِه، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «فما عَدَلْتَ بينَهُما» (2).
وكان السَّلَفُ يستحبُّون أن يعدلُوا بين الأولاد في القُبْلةِ.
وقال بعض أهلِ العِلْمِ: إنَّ الله سبحانه يسألُ الوالدَ عن وَلَدِهِ يومَ القيامةِ قبلَ أنْ يسألَ الولدَ عن وَالِدِهِ، فإنَّه كما أنَّ للأبِ على ابْنِه حقًّا، فللابنِ على أبيهِ حقٌّ؛ فكما قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت/ 8]. قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}