
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (19)]
المحقق: عدنان بن صفاخان البخاري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أدخلهم الجنَّةَ بغير عملٍ عملوه ولا خيرٍ قَدَّموه، فيُقَال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه» (1).
فقوله في هذه الجملة: «أدخلهم الجنَّةَ بغير عملٍ عملوه ولا خيرٍ قَدَّموه» قد ورَد في سياق شفاعة المؤمنين لإخوانهم، وقدجاءت في رواياتٍ وألفاظٍ مختلفة في الصَّحيحين، ولو تأمَّلْنا كلَّ هذه الرِّوايات وألفاظها المختلفة تبيَّنَ لنا المعنى الصَّحيح لها، والفهم الصائب الموافق لما ذهب إليه أهل السُّنَّة من أنَّ الإيمان لا ينفع صاحبه دون عملٍ، وأنَّ الرِّوايات يفسِّر بعضها بعضًا، ويدلُّ على أنَّ المُخْرَجين من النَّار بشفاعة الشَّافعين إنَّما كانوا من أهل الصَّلاة، كما سيأتي بيانه.
فإنْ احتجَّ محتجٌّ بمفهوم ما تقدَّم في لفظ الحديث، من أنَّ هؤلاء الذين شَفَع فيهم إخوانُهُم لم يكن لهم من الإيمان إلَّا شيءٌ ضئيلٌ، مثقال دينار أوأقل، وهذا يدلُّ على قِلَّة أعمالهم أوندرتها في الدنيا، وأنَّهم قد فرَّطوا في كثيرٍ من الواجبات، ومن جملتها الصلاة؛ فتبيَّن من هذا أنَّ تارك الصلاة سيكون من هؤلاء الخارجين بالشفاعة ولا ريب.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ربِّ يسِّر، وعليك التَّيسير، وسهِّل كلَّ عسيرٍ، آمين (1).
الحمد لله ربِّ العالمين، ما يقول السَّادة (2) العلماء، أئمَّة الدِّين، وفَّقهم (3) الله وأرشدهم، وهداهم وسدَّدهم، في تارك الصَّلاة عامدًا؛ هل يجب قتله أم لا؟ وإذا قُتِلَ فهل يُقْتَل كما يُقْتَل المرتدُّ والكافر؛ فلا يغسَّل، ولا يصلَّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين أم يُقتل حدًّا مع الحكم بإسلامه؟ وهل تحبط الأعمال وتبطُل بترك الصَّلاة، أم لا؟ وهل تُقْبَل صلاة النَّهار باللَّيل، وصلاة اللَّيل بالنَّهار، أم لا؟ وهل تصحُّ صلاة من صلَّى وحده، وهو يقدر على الصَّلاة جماعةً، أم لا؟ وإذا صحَّت فهل يأثم بترك الجماعة، أم لا؟ وهل يُشترط حضور المسجد، أم يجوز فعلها في البيت؟ وما حكم من نَقَر الصَّلاة، ولم يُتمَّ ركوعها وسجودها؟ وما كان مقدار صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وما حقيقة التَّخفيف