
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (19)]
المحقق: عدنان بن صفاخان البخاري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (19)
كتاب الصلاة
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
تحقيق عدنان بن صفاخان البخاري
وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقال ابن عائشة (1): «ما أمر الله عباده بأمرٍ إلَّا وللشَّيطان فيه نزغتان؛ فإمَّا إلى غلوٍّ، وإمَّا إلى تقصير» (2).
وقال بعض السَّلف: «دينُ الله بين الغالي فيه والجافي عنه» (3).
وقد مَدَح تعالى أهل التَّوسُّط بين الطَّرَفين المنْحَرِفَيْن في غير موضعٍ من كتابه، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان/67]. وقال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء/29]. وقال: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء/26].
فمَنْعُ ذي القُرْبى والمسكين وابن السَّبيل حقَّهُم انحرافٌ في جانب الإمساك، والتَّبذيرُ انحرافٌ في جانب البَذْل، ورضا الله فيما بينهما؛ ولهذا كانت هذه الأمَّة أوسط الأُمم، وقبلتها أوسط القِبَل بين القِبْلَتَيْن المنحَرِفَتَيْن، والوسط دائمًا محميٌّ بالأطراف (4)، فالخَلَل إليها أسرع،