
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (4)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - جديع بن جديع الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 93
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (4) الرسالة التبوكية تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق: محمد عزير شمس إشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم دار ابن حزم
على نفسه للرسول، يحكمُ عليها أعظمَ من حُكْمِ السيد على عبده، والوالد (1) على ولده؛ فليس له في نفسه تصرف قط إلا ما تصرف فيه الرسول الذي هو أولى به منها.
فيا عجبًا كيف تَحصُلُ هذه الأولوية لعبد قد عَزَلَ ما جاء به الرسول عن منصب التحكيم، ورَضِيَ بحكم غيره، واطمأن إليه أعظمَ من طمأنينته (2) إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وزعم أن الهدى لا يُتَلَقَّى من مشكاته, وإنما يتلقى من دلالات (3) العقول، وأنَّ ما جاء (4) به لا يفيد اليقين، إلى غير ذلك من الأقوال التي تتضمن الإعراضَ عنه وعما جاء به، والحوالةَ في العلم النافع على (5) غيره، وذلك هو الضلال المبين (6).
ولا سبيلَ إلى ثبوت هذه الأولوية إلّا بعَزْلِ كل ما سواه، وتوليتِه في كل شيء، وعَرْضِ ما قاله كل أحد سواه على ما جاء به؛ فإن شهد له بالصحة قَبِلَه، وإن شهد له بالبطلان ردَّه، وإن لم تتبينْ شهادتُه له بصحةٍ (7) ولا بطلانٍ جَعَلَه بمنزلة أحاديث أهل الكتاب، وَوَقَفَه حتى يَتَبَيَّن أي الأمرين أولى به؟