[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أسلوب الكتاب وطريقته: يجد الدارس لكتاب "هداية الحيارى" أن المؤلف سلك منهجًا وصفيًا استقرائيًا نقديًا مقارنًا. فهو منهج وصفي يستند إلى التحليل باستقراء الجزئيات وتصنيفها وترتيبها، مع التوثق والتأكُّد من صحة نسبة الأقوال ومناقشتها، وما يكتنفها من شروح وتفسيرات.
وهو أيضًا منهج استنباطي يستخدم القواعد الأصولية واللغوية، وينطلق من الجزئيات إلى الحقائق العامة. وهو كذلك منهج مقارن يقابل الآراء والأقوال ببعضها ويوازن بينها، ولا يهمل المنهج التاريخي في كثير من المواضع، وبذلك كان المنهج والطريقة التي سلكها المصنف منهجًا متكاملًا وطريقة في البحث شاملة.
وامتاز أسلوب الكتاب بالوضوح في العبارة، والبعد عن الجفاف والتعقيد الذي يصادفه القارئ في مثل هذه المباحث الجدلية والردود، كما امتاز بقوة الحجة والدليل، وتنوع وسائل الاستنباط، وذلك ما جعله يسدُّ منافذ الهرب من إقامة الحجة والدليل على مَنْ أثار الشبهات وأورد المسائل والطعون التي كانت سببًا لتأليف هذا الكتاب.
ونجد في الكتاب أيضًا استطرادات تدعو إليها أحيانًا المناسبة، وفي هذا فائدة للقارئ، وإن كانت أحيانًا تقطع سلسلة الأفكار المتتابعة، وتفصل بين فقرات الموضوع الواحد المتكامل.
نسبة الكتاب لمؤلفه وتسميته: إن نسبة الكتاب لابن القيم ثابتة من طرق، فقد جاءت النسخ الخطية كلها مصرِّحة بذلك، كما أن المصنف -رحمه الله- صرَّح باسم كتابه هذا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الحمدُ لله الذي رضي لنا الإسلام ديْنًا، ونصب لنا الدِّلالة على صحته برهانًا مبينًا، وأوضحَ السَّبيلَ إلى معرفته واعتقاده حقَّا يقينًا، ووعدَ منْ قام بأحكامه وحفظ حدودَهُ أجرًا جسيمًا، وذخر لمن وافاه به ثوابًا جزيلًا وفوزًا عظيمًا، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراهُ وأسبابه.
فهو دينُه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه، فبه (2) اهتدى المهتدون، وإليه دعا الأنبياءُ والمرسلون (3).
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].
فلا يقبل من أحد دينًا سواه من الأولين والآخرين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
شهد بأنَّه دينُه قَبْلَ شهادة الأنام، وأشادَ به (4) ورَفَعَ ذِكْرَهُ، وسمَّى به أهلَه وما اشتملت عليه الأرحامُ، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19].