هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

2819 0

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]

حققه: عثمان جمعة ضميرية

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 450

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

وبلده ... الخ، وهذا يتفق مع ما حكاه الله تعالى على لسان بعض أنبيائه، في القرآن الكريم من البشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي أمثلة على كلا النوعين -إن شاء الله تعالى-.
3 - قد يدَّعي بعض أهل الكتاب أنهم ما كانوا ينتظرون نبيًا آخر غير عيسى وإيلياء، ولذلك -بزعمهم- لا تنطبق البشارات على محمد، عليه الصلاة والسلام، إذ عيسى عندهم خاتم الأنبياء.
وهذا زعم باطل وادعاء لا أصل له، بل كانوا ينتظرون نبيًا جديدًا غيرهما؛ يدل على ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا: "وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنةً ولاويين ليسألوه: من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، واعترف: إني لست أنا المسيح، فسألوه: إذن ماذا، أإيلياء أنت؟ فقال: لست إياه. فسألوه: أنت النبي؟ فأجاب: كلا. فقالوا له: من أنت؟ لنعطي جوابًا للذين أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك؟ قال: أنا صوت صارخ في البرية، قوِّموا طريق الرب كما قال أشعياء النبي" (1) .
فعلماء اليهود المعاصرون لعيسى عليه السلام سألوا يحيى عليه السلام أولًا: هل أنت المسيح؟ ولما أنكر سألوه: أنت إيلياء؟ ولما أنكر سألوه: أنت النبي؟ أي النبي المعهود الذي أخبر به موسى، فعلم أن هذا النبي كان منتظرًا قبل المسيح وإيلياء، وكان مشهورًا بحيث لم يكن محتاجًا إلى ذكر الاسم، بل الإشارة إليه كافية.
وإذا كانوا ينتظرون نبيًا آخر غير عيسى وإيلياء، فيعلم من هذا قطعًا

الصفحة

47/ 78

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الحمدُ لله الذي رضي لنا الإسلام ديْنًا، ونصب لنا الدِّلالة على صحته برهانًا مبينًا، وأوضحَ السَّبيلَ إلى معرفته واعتقاده حقَّا يقينًا، ووعدَ منْ قام بأحكامه وحفظ حدودَهُ أجرًا جسيمًا، وذخر لمن وافاه به ثوابًا جزيلًا وفوزًا عظيمًا، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراهُ وأسبابه.
فهو دينُه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه، فبه (2) اهتدى المهتدون، وإليه دعا الأنبياءُ والمرسلون (3).
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].
فلا يقبل من أحد دينًا سواه من الأولين والآخرين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
شهد بأنَّه دينُه قَبْلَ شهادة الأنام، وأشادَ به (4) ورَفَعَ ذِكْرَهُ، وسمَّى به أهلَه وما اشتملت عليه الأرحامُ، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19].

الصفحة

3/ 450

مرحبًا بك !
مرحبا بك !