هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

2813 0

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]

حققه: عثمان جمعة ضميرية

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 450

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

الله به الرسالات، فإن النتيجة المنطقية اللازمة لهذا الكمال ولتمام النعمة أن تنقطع صلة الإنسانية عن سائر الرسالات والنبوات السابقة في طاعتها واتباعها، مع الإيمان بأصولها المنزلة - لا بما آلت إليه بعد التحريف على يد الأتباع.
فكل ما جاء به الأنبياء السابقون وعرضوه على الإنسانية ودَعَوْها إلى اتّباعه، قد نُسخ برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وما من شك أن الإيمان بنبوتهم وصدق دعوتهم على وجه الإجمال لازم لابد منه، إذ ما كانوا إلا دعاة إلى الإسلام، وما التصديق بدعوتهم إلا تصديق بالإسلام، ولكن مع ذلك انقطعت بهم صلة الإنسانية في طاعتها واتباعها فعلًا، وإنما ارتبطت برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه وأسوته الحسنة؛ لأن الذي يقتضيه المبدأ: أولًا: أن لا تعود الإنسانية بحاجة إلى المنسوخ بعد أن جاءها الكامل.
وثانيًا: أنه قد لعبت يد التحريف والإهمال بسيرة وتعاليم الأنبياء السابقين (1) مما لم يعد من الممكن، لأجله، أن تتبعهم الإنسانية فعلًا.
ومن هنا، فإن القرآن الكريم حيثما يأمر بطاعة الرسول واتباع أحكامه وأوامره، لا يأتي بكلمة "الرسول" و"النبي" إلا معرّفتين بالألف

الصفحة

32/ 78

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الحمدُ لله الذي رضي لنا الإسلام ديْنًا، ونصب لنا الدِّلالة على صحته برهانًا مبينًا، وأوضحَ السَّبيلَ إلى معرفته واعتقاده حقَّا يقينًا، ووعدَ منْ قام بأحكامه وحفظ حدودَهُ أجرًا جسيمًا، وذخر لمن وافاه به ثوابًا جزيلًا وفوزًا عظيمًا، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراهُ وأسبابه.
فهو دينُه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه، فبه (2) اهتدى المهتدون، وإليه دعا الأنبياءُ والمرسلون (3).
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].
فلا يقبل من أحد دينًا سواه من الأولين والآخرين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
شهد بأنَّه دينُه قَبْلَ شهادة الأنام، وأشادَ به (4) ورَفَعَ ذِكْرَهُ، وسمَّى به أهلَه وما اشتملت عليه الأرحامُ، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19].

الصفحة

3/ 450

مرحبًا بك !
مرحبا بك !