
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
(منها) أنَّ الحمار من أبْلَدِ الحيوانات التي يُضْرَبُ بها المَثلُ في البلادة (1) .
(و (منها) أنَّه لو حمل غير الأسفار من طعام أو علف أو ماء لكان له به شعورٌ بخلاف الأسفار) (2) .
و (منها) أنَّهم حُمِّلوها، لا أنهم حَمَلُوها طوعًا واختيارًا، بل كانوا كالمكلَّفين لما حملوه لم يرفعوا به رأسًا.
و (منها) أنهم حيث حملوها تكليفًا وقهرًا لم يَرْضَوا بها، ولم يحملوها رضًا واختيارًا، وقد علموا (3) أنهم لابُدَّ لهم منها، وأنهم إنْ حملوها اختيارًا كانت لهم العاقبة في الدنيا والآخرة.
و (منها) أنها مشتملةٌ على مصالحِ معاشِهم ومعادهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، فإعراضُهم عن التزام ما فيه سعادتُهم وفلاحُهم إلى ضدِّه، من غايةِ الجهل والغَبَاوة وعدمِ الَفِطَانة.
ومِنْ جهلهم وقِفة معرفتهم: أنهم طلبوا، عِوَضَ المنِّ والسَّلوى -اللذين هما منْ أطيب الأطعمة وأنفعها وأوفقها للغذاء الصالح- البَقْلَ والقِثَّاءَ والثُّومَ والعَدَس والبَصَلَ، ومَنْ رضي باستبدال هذه الأغذية عوضًا عن المنِّ والسلوى لم يكثر عليه أن يستبدلَ الكُفْرَ بالإيمانِ، والضلالةَ بالهدى، والغضبَ بالرِّضى، والعقوبةَ بالرحمة. وهذه حالُ مَنْ لم يعرف ربَّه ولا كتابه ولا رسولَه ولا نَفْسَه.