
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بعضها البَشَرُ، ثم قالوا بعد ذلك: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} (1) [البقرة: 55].
وكان الله سبحانه قد أمر موسى أن يختار من خيارهم سبعين رجلًا لميقاته فاختارهم موسى وذهب بهم إلى الجبل، فلما دَنَا موسى من الجبل وَقَع عليه عمودُ الغمام حتى تغشَّى (2) الجبل، وقال للقوم: ادنوا. ودَنَا القومُ) (3) حتى إذا دخلوا في الحجاب وقعوا سُجَّدًا، فسمعوا الربَّ -تعالى- وهو يكلِّمُ موسى ويأمُرُه وينهاه ويعهد إليه، فلما انكشف الغَمامُ قالوا: لن نُؤمِنَ لك حتى نَرى الله جهرةً.
ومِنْ جهلهم: أنَّ هارون لما مات ودَفَنَهُ موسى قالت بنو إسرائيل لموسى: أنتَ قتلتَه، حَسَدتَّه على خُلُقِه ولِيْنِه، ومحبَّةِ إسرائيل له. قال: فاختاروا سبعين رجلًا، فوقفوا على (قبر هارونَ) (4) ، فقال موسى: يا هارون أَقُتِلْتَ أم مِتَّ، قال: بل متُّ، وما قَتَلَنِي أحدٌ!! فحَسْبُك من جهالةِ أمةٍ وجفائِهم أنَّهم اتَّهموا نبيَّهم ونَسَبُوه إلى قَتْلِ أخيه، فقال موسى: ما قَتَلْتُه، فلم يصدِّقوه حتى أسمعهم كلامَه وبراءة أخيه مما رَمَوه به!! ومِنْ جهلهم: أنَّ الله -سبحانه- شبههم في حَمْلِهِم التوراةَ وعَدَمِ الفقه فيها والعملِ بها بالحمار يحملُ أسْفَارًا. وفي هذا التشبيه من النِّداء على جهالتهم وجوهٌ متعددة: