[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يقرُّ بأنه من عند الله كيف لا يجحدُ أصلَ النبوَّة؟! ثم احتج عليهم، بأنهم قد علموا بالوحي ما لم يكونوا يعلمونه هم ولا آباؤهم، ولولا الوحي الذي أنزله الله على أنبيائه ورسله لم يَصِلُوا إليه. ثم أمر رسوله أن يُجيب عن هذا السؤال، وهو قوله: {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى}؟ فقال: {قُلِ اللَّهُ} أي: اللهُ الذي أنْزَلَه. أي: إن كفروا به وجحدوه فَصَدِّقْ به أنتَ وأقِرَّ به {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) }؟.
وجوابُ هذا السؤال أن يُقال: إن الله -سبحانه وتعالى- احتجَّ عليهم بما يُقِرُّ به أهلُ الكتابَيْنِ، وهم أولو العلم دون الأمم التي لا كتاب لها. أي: إنْ جَحَدْتُمْ أصْلَ النبوَّة، وأنْ يكونَ الله أنزل على بشرٍ شيئًا، فهذا كتابُ موسى يقرُّ به أهل الكتاب، وهم أعلمُ منكم، فاسألوهم عنه.
ونظائرُ هذا في القرآنِ كثيرةٌ؛ يستشهد -سبحانه- بأهل الكتاب على مُنْكِرِي النبوَّاتِ والتوحيدِ.
والمعنى: إنكم إن أنكرتُم أن يكونَ اللهُ أنزلَ على بشرٍ شيئًا، فمن أنزل كتاب موسى؟ فإنْ لم تعلموا ذلك فاسألوا أهل الكتاب. وأمَّا قولُه تعالى: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا}، فمن قرأها بالياء فهو إخبارٌ عن اليهود بلفظ الغَيْبَةِ، ومن قرأها (بلفظ التاء) (1) للخطاب فهو خطابٌ لهذا الجنس الذين (2) فَعَلُوا ذلك. أي: تجعلونه يا مَنْ أُنزِلَ عليه كذلك.