[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
القدِّيْسِيْنَ الذين خَالَفُوهم. وسمَّوهم واحدًا واحدًا وهم جماعة، ولعنوا أصحاب المشيئة (1) الواحدة.
ولما لعنوا هؤلاء جلسوا فلخَّصوا الأمانة المستقيمة -بزعمهم- فقالوا: "نؤمن بأنَّ الواحد من اللَّاهوت (2) الابن الوحيد الذي هو الكلمة الأزلية الدائم، المستوي مع الأب الإله في الجوهر. الذي هو ربُّنا اليسوع المسيح بطبيعتين تامتين، وفعلين ومشيئتين، في أُقْنوم واحدٍ ووجهٍ واحد، يعرف تامًّا بلاهوته تامًّا (3) بناسوته. وشهدت كما شهد مجمع الخلقدونية على ما سبق أن الإله الابن في آخر الأيام (اتَّحد مع) (4) العذراء السيدة مريم القديسة جسدًا إنسانًا بنفسين، وذلك برحمة الله تعالى مُحبِّ البشر، ولم يلحقه اختلاط ولا فساد ولا فرقة ولا فصل، ولكن هو واحد يعمل بما يشبه الإنسانَ أن يعمله في طبيعته وما يشبه الإله أن يعمل في طبيعته الذي هو الابن الوحيد (5) والكلمة الأزلية المتجسدة (6) إلى أن صارت في الحقيقة لحمًا، كما يقول الإنجيل المقدس، من غير أن تنتقل عن محلِّها الأزليِّ، وليست بمتغيِّرة لكنها (7) بفعلين ومشيئتين وطبيعتين: إلهيٌّ، وإنسيٌّ، الذي بهما يكون القول الحق، وكل واحدة من الطبيعتين تعمل مع شركة صاحبتها،