[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقد نَاظَرْنَا (1) -نحن وغيرُنَا- جماعةً منهم، فلما تبين لبعضهم فَسَادُ ما هم عليه قالوا: لو دخلنا في الإسلام لَكُنَّا من أقلِّ المسلمين لا يُؤْبَهُ لنا، ونحن مُتَحَكِّمون في أهل ملَّتِنا، في أموالهم ومناصبهم، ولنا بينهم أعظم الجاه! وهل مَنَعَ فرعونَ وقومَهُ من اتِّباع موسى إلا ذلك؟!.
والأسباب المانعة من قَبُول (2) الحقِّ كثيرة جدًّا.
فمنها: الجهل به، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس، فإن من جهل شيئًا عاداه وعادى أهله.
فإِنِ انْضَافَ إلى هذا السبب بُغْضُ مَنْ أَمَرَهُ بالحقِّ ومُعاداتُهُ له وحَسَدُهُ كان المانع من القَبُول أقوى.
فإنِ انْضَاف إلى ذلك إِلْفُهُ وعادتُه ومَرْبَاهُ على ما كان عليه آباؤه ومن يحبُّه ويعظِّمه: قَوِيَ المانعُ.
فإنِ انْضافَ إلى ذلك توهُّمُه أنَّ الحقَّ الذي دُعِيَ إليه يحول بينه وبين جاههِ وعزهِ وشهواتِه وأغراضهِ: قويَ المانعُ من القَبول جدًّا.
فإنِ انْضَاف إلى ذلك خوفُه من أصحابه وعشيرته وقومه على نفسه وماله وجاهه، كما وقع لهرقل ملك النصارى بالشام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - = ازداد المانع من قَبُول الحقِّ قوةً، فإنَّ هِرَقْلَ عرف الحقَّ وهَمَّ