[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)]
حققه: عثمان جمعة ضميرية
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سعود بن عبد العزيز العريفي- عبد الله بن محمد القرني
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440- 2019م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 450
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (16)
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
تحقيق عثمان جمعة ضميرية
إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
أما المقام الأول: فدلالتها على محمد بن عبد الله أظهر من دلالتها على المسيح، فإنه هو الذي رياستُه على عاتِقَيْه (1) وبين منكبيه من جهتين: من جهةِ: أنَّ خاتم النبوة على بعض كتفيه (2) ، وهو من أعلام النبوة التي أخبرت به الأنبياء، وعلامة ختم ديوانهم، ولذلك كان في ظهره.
ومن جهةِ: أنَّه بُعِث بالسيف الذي يتقلَّد به على عاتقه ويرفعه -إذا ضرب به- على عاتقه. ويدلُّ عليه قوله: "رئيس مسلَّط قويُّ السلامة" وهذه صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - المؤيَّدِ المنصورِ، رئيس السلامة، فإنَّ دينه الإسلام، ومن اتبعه سَلِمَ (3) مِنْ خِزْي (4) الدنيا ومن عذاب الآخرة، ومن استيلاءِ عدوّه عليه. والمسيحُ لم يسلَّط على أعدائه كما سُلِّط محمد - صلى الله عليه وسلم - بل كان أعداؤه مسلَّطين (5) عليه قاهرين له حتى عملوا به ما عملوا عند المثلِّثةِ عُبَّاد الصليب.
فأين مطابقة هذه الصفات للمسيح بوجه من الوجوه؟! وهي مطابقة لمحمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - من كل وجهٍ، وهو الذي سلطانُه كاملٌ، ليس له فناء (إلى آخر الدهر.
فإن قيل: إنكم لا تَدْعونَ محمدًا إلهًا، بل هو عندكم عبدٌ محض؟) (6) .